Thursday, December 28, 2006

فلسفة الخروف



باسمك يامصر


فى ليلة عيد الاضحى جاءت جارتنا بخروف العيد , يحمل على راسه قرن عظيم كأنه شجرة التوت التى كنت اصعد عليها وانا صغير , وبدنه ملئ بالشحم فاذا تحرك الخروف رايت جسما عظيما يتحرك , وصوفا كثيفا فوق ظهره واخذ الخروف يردد مقولته الشهيره ماء ماء , فصعدت جارتنا اليه وأعطت له حزمة كبيره من البرسيم , فما كان منى الا ان قلت له يا بختك يا عم اكلك هيجيلك لحد عندك وانت قاعد مستريح ولا يهمك لا شغل ولا جواز ولا بطاله ولا اى شئ ولا يهمك حسنى ولا التوريث ولا غيره ,
ولكن يبدو ان خروف جارتى لم يعجبه هذا الكلام وابتسم لى ضاحكا وفمه كله سخريه منى , فيبدو ان السن جعل الخروف يفهم الحياه فهما جيدا ,
فنظر الى وقال يبدو انك ما زلت فى زهو شبابك , ولا تعرف شيئا عن فلسفة الذبح , وكل ما يشغلك هو البطاله ليس الا
فلا تظن ان الست مديحه جارتكم جأتنى بالبرسيم دون اى فائده تعود عليها , فلا يوجد يا بنى من يخدم دون مقابل , ولن ترى من يعطى دون ان ينتظر الرد .
غدا فقط سأنتقل من دنيا الى دنيا ومن عالم الى عالم , فبالامس كان يأتى الطعام الى حظيرتى ولكن غدا سيقدموننى الى من يأكلنى
تعرف يا بنى انهم يسنون السكين لا لاستريح اثناء ذبحى ولكن لانى لو ذبحت خطئا فسوف يحرمون من لحمى
قلت فى سرى يبدو انك لديك حكمه عظيمه تعلمتها بمرور السنين عليك , فنظر وقال
وما قيمة الحكمه وانت لا تستطيع ان تدافع عن نفسك لحظة ذبحك , وما فائدة الحكمه ولا امتلك المال الذى يجعل الناس تلتف حولى وتلقبنى باحسن الالقاب .
تعاطفت معه وقلت له الا تشعر بالالم من تقيدك بهذا الرباط ؟ فقال انك لا تعرف معنى الالم الحقيقى فالالم ليس فى الجسم , ولكن الالم الحقيقى فى تقيد حريتى وحركتى وضعفى وشعورى بالامتهان فلا اختار مكان مبيتى ولا اعرف مكان راحتى انساق مع من يملك المال ويستطيع ان يشترينى .
حزنت حزنا شديدا وقلت له لماذا لاتحتج على ذبحك وتصرخ وترفض ؟ فرد قائلا وماذا بعد الاحتجاج , انهم لايسمعون لاحد ولا يناقشون احد وقواعد الحريه والديمقراطيه ليس لها معنى عندهم , ولا مكان داخلهم ,
فقلت له اذا الموت هو سبيلك , فرد قائلا اتظن اننى منزعج من الموت اطلاقا يا بنى فالموت شئ حتمى بل اننى سعيد لانى سأذبح ليأكل الانسان , وسوف أتالم ليضحك الاطفال وغدا ستأكلون لحمى انها غاية السعاده يا بنى ان تضحى من اجل الاخرين ان تكون شمعه تحترق كى تنير لهم الطريق , ولكن ما يغضبنى انكم ستذبحوننى
دون ان تأخذو راى ولم تناقشونى فى قرار ذبحى ولكنى سعيد جدا لاننى سأضحى من اجل الاخرين
خلاصة الكلام
ليتنا نضحى من اجل مصر مثل خروف العيد